لماذا لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الكتابة الأكاديمية؟

التصنيف

في العصر الرقمي الحديث، ازدادت استخدامات الذكاء الاصطناعي، فأصبحت جزءًا لا يتجزأ من جميع الصناعات والمجالات، بدايةً من الطب والتعليم والصناعة والزراعة وحتى الكتابة. ومع ذلك، فقد أثار استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة، خاصةً الكتابة الأكاديمية الكثير من التساؤلات، حول مدى أخلاقية استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة، وكذلك عن مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على أداء هذا الدور بكفاءة. في هذا المقال، نستكشف معًا لماذا لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الباحث الأكاديمي؟ 

فهم الكتابة الأكاديمية

إن الكتابة الأكاديمية هي نوع خاص من الكتابة، يستخدمه الباحثون لتحليل الموضوعات بعمق وتقديم حجج مدعومة بالأدلة. تتطلب الكتابة الأكاديمية من الكاتب أن يكون لديه المعرفة بكيفية كتابة بحث علمي، ولديه المهارة على التحليل النقدي، والقدرة على تنظيم المعلومات بشكل بحثي ومنطقي صحيح. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتحلى الباحث الأكاديمي بأخلاقيات الباحث، وأهمها عدم نسبة عمل أو كتابة لنفسه أو ما يمكننا أن نطلق عليه الانتحال.

قدرات الذكاء الاصطناعي

يتمتع الذكاء الاصطناعي بقدرات غير عادية في معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، حيث يمكنه تحليل البيانات المدخلة، وإنشاء محتوى بناء عليها. في هذا السياق، يعتبر مدقق صححلي مثالاً جيداً على استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين النصوص بشكل دقيق وفعّال. وفي الفترة الأخيرة، بدأ كثير من صناع المحتوى والكتاب والباحثين في استخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء المحتوى التسويقي، وكتابة الأخبار، وحتى كتابة القصص القصيرة.

يتميز الذكاء الاصطناعي بقدرته على توليد مئات النصوص في ثوانٍ مما يوفر الوقت والجهد، ومع ذلك فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة له العديد من السلبيات، منها عدم قدرته على تقديم محتوى ذي قيمة وعميق بالقدر الذي يمكن للباحث أو الكاتب كتابته، كما أن استخدامه بكثرة سيُفقد الكتابة قيمتها، فالكتابة في الأساس وسيلة للتعبير وتقديم الآراء، فإذا كان الإنسان أو الباحث أو الكاتب لم يعبر عن رأيه أو حجته بنفسه، فما الجدوى.

استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة عامةً والكتابة الأكاديمية خاصةً له العديد من السلبيات، كما أنه يُفقدك المصداقية. إليك أهم سلبيات استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة الأكاديمية:

  1. السرقة الأدبية

على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يعتبر من أكثر الصناعات تطورًا، إلا أنه لا يزال يعتمد على تحليل البيانات والخوارزميات لكتابة المحتوى. تقوم العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي باستخدام المحتوى من مواقع الويب الأخرى ثم يعيد صياغتها. كما أن هناك برامج وأدوات تُستخدم للكشف عن استخدام الذكاء الاصطناعي للكتابة، نذكر منها ما يلي:

  • Turnitin: يعتبر الأكفأ في الكشف عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة، كما أن العديد من الجامعات والمواقع تستخدمه.

  • Grammarly: يقوم بمسح مليارات مواقع الويب ويستطيع الكشف عن الانتحال.

  • iThenticate: يستخدم قاعدة بيانات كبيرة تصل إلى 50 مليون عمل من 800 ناشر أكاديمي، ويستطيع الكشف أيضًا عن السرقة الأدبية.

  1. الافتقار إلى الإبداع

إذا كان مقالك أو بحثك أو محتواك بدون أي إبداع، فإن المحتوى يفقد قيمته الأساسية، ونظرًا لأن الذكاء الاصطناعي ليس لديه ذكاء عاطفي فهو لا يستطيع الإبداع والابتكار. على سبيل المثال، رغم أن المدقق الآلي من "صححلي" يمكن أن يساعد في تحسين النصوص وتصحيح الأخطاء، إلا أنه لا يستطيع تعويض الإبداع والابتكار الذي يأتي من الكتاب البشريين. لذا فالذكاء الاصطناعي يعتبر مساعدا ذكيا لك، ولكنه ليس بديلًا للمصادر الخارجية.

  1. خوارزميات جوجل

خوارزميات جوجل تفضل المحتوى المكتوب بشريًّا، والذي يوفر معلومات قيمة وتجربة مرضية للقراء، ومع استخدام أفضل ممارسات تحسين محركات البحث، فهو يكافئ صفحات الويب بتصدر نتائج البحث.

استخدامات جيدة للذكاء الاصطناعي

كما ذكرنا، فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مساعدا ذكيا لك، يساعدك في الكتابة، ولكنه لا يكتب لك، لأن ذلك يسمى سرقة أدبية أو انتحال، كما أنها قد تضعك في موقف محرج إذا تم اكتشاف ذلك. ومع ذلك، فإن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مثل صححلي في التدقيق اللغوي وتدقيق علامات الترقيم، يمكن أن يكون مفيدًا، فبعد كتابتك للنص أو البحث أو المقال، يمكنك تدقيق ذلك النص آليًّا، حتى يصبح محتواك خاليًا الأخطاء الإملائية أو النحوية مع دقة بنسبة 95%، وهو ما يضيف قيمة لكتابتك، والتي ستكون بدون أخطاء لغوية، مما سيوفر تجربة مرضية للقارئ واستفادة حقيقية.

العنصر البشري في الكتابة الأكاديمية

يلعب العنصر البشري دورًا حاسمًا في الكتابة الأكاديمية، إذ يعتمد على التفكير المنطقي والتحليل النقدي. تتطلب البحوث الأكاديمية جمع وتحليل البيانات من مصادر متنوعة، من مجلات علمية إلى أطروحات سابقة إلى مراجع، ثم القيام بتفسير نقدي لتلك البيانات. ولأن هذه العملية تتطلب القدرة على التفكير النقدي والمنطقي، فقد يصعب على الذكاء الاصطناعي تقليدها بشكل كامل.

على سبيل المثال، يتطلب التفكير النقدي فهمًا عميقًا للسياق والقدرة على تقديم رؤى جديدة ومبتكرة. كما أن خلفية كل باحث وخبرته يلعبان دورًا في كتابته الأكاديمية، وهذه العناصر البشرية تعزز من قيمة الكتابة الأكاديمية وتجعلها ذات مغزى وقيمة.

كلمة أخيرة

على الرغم من التقدم الكبير في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، إلا أنه يظل من الصعب أن يحل محل الكتابة الأكاديمية، فهي تتطلب تفكيرًا نقديًا وتحليلًا عميقًا وأصالةً، بالإضافة إلى أنها تجعل من الكتابة الأكاديمية ذات قيمة ومعنى. كما أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة الأكاديمية يؤثر على مصداقية الباحث ويضعه في اتهام الانتحال والسرقة الأدبية لذا؛ فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مساعدا ذكيا لك، إلا أنه لا يمكن أن يحل، بأي حالٍ من الأحوال، محل الإبداع البشري والخبرة في الكتابة الأكاديمية.