04نوفمبر
هل تعلم أن اللغة العربية قَدِيمًا كانت تُكتب دون تشكيل؟ في الكتابة العربية قديما، لم يكن هناك ما يعرف بعَلَامَات تشكيل النصوص، تلك الرموز الصغيرة التي تُضاف أَعلى أو أسفل الحرف لتوجيه القارئ نحو النُّطْق الصحيح. ومع تطور اللغة، ظهرت الحاجة إلى وجود علامات تشكيل النصوص لضمان النُّطْق الصحيح والفَهْم الدقيق للنصوص. في هذا المقال نتناول علامات التشكيل وتطورها وأَهميتها اللغوية. الفَتْحَة، والكَسْرَة، والضَّمَّة: الأركان الثلاثة تعتبر الفَتْحَة والضَّمَّة والكَسْرَة من العلامات الأساسية لتشكيل الحروف، التي تؤدي دورًا حاسمًا في معرفة نطق الكلمات. تشير الفَتْحَة ( َ) إلى صوت قصير مفتوح في نُطق الحرف، بينما تشير الكَسْرَة ( ِ) إلى نطق مغلق قليلًا أسفل الحرف، في حين أن الضَّمَّة ( ُ) ترفع الحرف في نُطْقِه. الفَتْحَة ( َ) تُرسم الفَتْحَة كشرطة صغيرة مائلة أَعْلَى الحرف، وهي تُعتبر من علامات تشكيل الحروف المُهمَّة في اللغة العربية. يمكن أن تتبع الفَتْحَة ألف لمدة الصوت، مثل "كتاب" حيث يُمَدّ الصوت في الحرف الأخير؛ بسبب الفتحة التي تتبعها ألف. ومن هنا نجد أن الفتحة تعدّ علامة أساسية لضبط نطق الحروف بشكل صحيح. الكَسْرَة ( ِ) أما الكَسْرَة فهي علامة توضع أسفل الحرف، وتمثل حركة مغلقة في النُّطْق، وتُضَاف إلى الِاسم المجرور والمضاف إليه على سبيل المثال. تلعب الكَسْرَة دورًا مهمًّا في تغيير معاني الكلمات، مثلها مثل بقية علامات تشكيل الكلمات العربية، فنجد على سبيل المثال الكلمتين: الجَدّ بمعنى أبا الأب، والجِدّ بمعنى الاجتهاد. الضَّمَّة ( ُ) من ناحية الضَّمَّة، فهي تعتبر الحركة التي تُعطي الحرف نطقًا مضمومًا. تُستخدم الضَّمَّة لتغيير معنى الفعل إلى صيغة المجهول في بعض الأحيان. على سبيل المثال "قَطَفَ أحمد الوردة". الفعل قطف هنا مبني للمعلوم، وعند تحويل الجملة إلى صيغة المبني للمجهول تكون "قُطفتْ الوردةُ" بوضع الضَّمَّة أعلى حرف القاف بدلا من الفَتْحَة. السُّكُون ( ْ): نطق الحرف بصوت قصير إذا كانت الحركات الثلاث تُعبر عن نطق الحرف بصوت قصير، فإن السُّكُون ( ْ) يشير إلى انعدام الحركة، أو تَوَقُّف النُّطْق عند الحرف. تُستخدم علامة السُّكُون لتحديد الحُرُوف التي لا تتطلب حركة صوتية. على سبيل المثال "قَطَفْتُمْ" تشكيل حركة السُّكُون في آخر حرف إلى أنه غير منون وغير متحرك. التنوين: صوت إضافي لنهاية الكلمة تنوين الضم ( ٌ): يوضع حرف النون في نهاية الكلمة؛ مما يعطيها طابعًا مميزًا، خاصةً في الشعر. مثل "كتابٌ". تنوين الفتح ( ً): يُستخدم ليعطي الكلمة صوتًا نونيًا مشددًا مع الفَتْحَة، وقد يُضاف حرف الألف في نهاية الكلمة لتحقيق هذا الصوت، مثل "كتابًا". تنوين الكسر ( ٍ): يوضع كسرتين تحت الحرف، ويُضيف لها نطقًا مميزًا في نهاية الكلمة، مثل "كتابٍ". الشدة ( ّ): حرف مشدد من بين علامات تشكيل الكلمات العربية المُهِمَّة التي تُضيف إلى ثراء اللغة العربية هي الشدة ( ّ). تُستخدم الشدة لتكرار الحرف مرتين في النُّطْق، وكأن الحرف مكرر في الكتابة، مثل كلمة "مدَّ". يضيف هذا التكرار نغمية معينة للكلمة، ويمنحها طابعًا قويًّا في النُّطْق. يمكن أن تُضَاف الشدة مع أي من الحركات الأخرى، مثل "الفَتْحَة" و "الكَسْرَة" و "الضَّمَّة"، مما يمنح الكلمة نطقًا ومعنى مختلفًا. الشدة مع الكَسْرَة تكون "المعلّمة"، ومع الفَتْحَة تصبح "المدربة". التَّطَوُّر التَّارِيخِي لعلامات تشكيل النصوص لم تكن علامات تشكيل الحُرُوف موجودة في اللغة العربية في العصور الجاهلية وصدر الإسلام، إذ لم تكن النصوص مُشَّكلة، وكانت القراءة تعتمد على معرفة القارئ بالسياق. مع انتشار الإسلام، ظهرت الحاجة إلى وضع نظام يساعد المسلمين غير الناطقين على قراءة القرآن الكريم بشكل صحيح. يُنسب إلى أبي الأسود الدؤلي وضع نظام تشكيل النصوص الأول، وكان هذا النظام يعتمد على وضع نقاط فوق أو تحت الحُرُوف لتمييز نُطْقِها. استمرت الكتابة على هذا النحو لفترة من الزمن، ثم جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي، فوضع ضبطًا أدق من ضبط أبي الأسود، وهو ما يُعرف بعَلَامَات تشكيل الكلمات العربية الآن. أهمية تشكيل الكلمات في اللغة العربية على الرغم من أن العديد من الكتب والمقالات تفتقر إلى التشكيل الكامل، إلا أنه يظل عنصرًا أساسيًّا في النصوص التي تتطلب الدقة في النُّطْق. وفي النهاية، لا يُمكننا الاستماع إلى نصوص عربية دون أي تشكيل، وذلك حتى يفهم المستمِع ما يقصده المتحدث. تشكيل الكلمات العربية ليس مجرد وسيلة لتوجيه النُّطْق، بل هو عنصر من جَمَالِيَّات اللغة العربية. يُعطي تشكيل النصوص نغمة موسيقية مميزة، ويُضيف إلى النصوص مستوى آخر من الدقة والجمال لا يمكن إضافتها بشكل آخر، دون تشكيل الكلمات. استخدامات التشكيل في التعليم من أبرز استخدامات التشكيل هي تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها. يلعب تشكيل الكلمات دورًا محوريًّا في مساعدة الراغبين في تعلم اللغة العربية النُّطْق الصحيح وفهم المعاني بالضبط. لوحات المفاتيح وعلامات التشكيل بفضل تطور التكنولوجيا، أصبح تشكيل النصوص متاحًا بسهولة في أنظمة الكتابة الحديثة. تحتوي معظم لوحات المفاتيح الحديثة على خيارات لكتابة النصوص بعلامات التشكيل، مما يُمكن الكُتاب والمحررين من إضافة عَلَامَات التشكيل إلى نصوصهم بسرعة وفعالية. الخلاصة تمثل علامات التشكيل العربية جزءًا أساسيًّا من اللغة وثقافتها. فهي ليست مجرد رموز تُضَاف إلى النصوص، بل هي وسيلة للحفاظ على هوية اللغة، وتساعد على نقل المعاني والنغمات بدقة. سواء كنت تقرأ نصًّا أدبيًّا أو أكاديميًّا، فإن هذه العلامات تؤدي دورًا محوريًّا في توجيه القارئ نحو نطق النص وفهمه بوضوح.