النقد الأدبي: أساليبه ومناهجه في دراسات الأدب

التصنيف

النقد الأدبي هو العلم الذي يولي اهتمامًا بمعالجة الظواهر الأدبية وتحليلها ليحكم عليها إذا كانت عملا أدبيا جيدا أم لا. وهناك علاقة بين النقد الأدبي والأدب، فالنقد الأدبي يساهم في رفع مستوى الأدبي، فالأديب يعرف جيدًا أن هناك من يقرأ أعماله؛ لذا سيحرص على كتابتها بشكل جيد، مما يؤدي لارتفاع مستوى الأدب.

كذلك، فإن النقد الأدبي يرتبط بعلوم انسانية أخرى مثل التاريخ والفلسفة وعلم اللغة، ولكن يجب على الباحث أن يفرق بين النقد الأدبي والتاريخ الأدبي، فالنقد الأدبي يدرس الأدب القديم والحديث، بينما يدرس التاريخ الأدبي الظواهر القديمة من الأدب، ومن ثم يقوم بإحيائها من جديد. وللنقد الأدبي مناهج عدة، وسنحاول في هذا المقال أن نتناول مناهج النقد الأدبي، سواء كان فنيا أو تاريخيا أو منهجيا.

المنهج الفني في النقد

 يعد المنهج الفني من أهم مناهج النقد الأدبي، والهدف الأساسي من هذا النوع هو دراسة عمل الأديب، وقياسه باستخدام القواعد والأصول الفنية؛ لذلك يجب على الناقد أن يقرأ جميع الأجناس الأدبية سواء كانت رواية أو أقصوصة أو بحثا أو ترجمة أو غيره. وبعد ذلك، ينتقل الناقد إلى مرحلة قياس القيمة الشعورية والتعبيرية للعمل الأدبي، ثم قياسه مقارنة بالأعمال الأدبية من نفس الجنس.

بالإضافة إلى ذلك، فإن النقاد الأدبي عليه أن يطلع على أعمال الأديب، وذلك من أجل أن يكون قادرًا على قياس الخصائص التعبيرية والشعورية والفنية لهذا الكاتب. ولن يكون بمقدور أي شخص أن يصبح ناقدًا أدبيًّا، لأن النقد الأدبي يتطلب مهارات خاصة، فالموهبة في الكتابة ليست كافية، بل يجب أن يكون الناقد مطلعا على كافة أنواع الأدب.

المنهج التاريخي في النقد

 يعتبر المنهج التاريخي من أقدم المناهج النقدية، وهو يدرس الظاهرة الأدبية من حيث الظروف المحيطة بكتابة هذا النص، سواء كانت ظروفا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية. يركز المنهج التاريخي على علاقة العمل الأدبي بالمجتمع، ولأن المجتمع يتغير من زمن إلى آخر، فإن هذا المنهج يربط بين النص والظروف المحيطة بالأديب أثناء كتابته، مما يساهم في فهم النص من خلال السياق المحيط.

للمنهج التاريخي مبادئ عدة، أهمها:

  • اعتبار النص الأدبي تعبيرًا عن المجتمع، يُعرف من خلال الدين والثقافة العادات والتقاليد السائدة في ذلك العصر.

  • اعتبار الأديب حلقة الوصل بين المجتمع والقراء، ورغم كونه كاتب هذا العمل الأدبي، إلا أن يتم تهميشه والتركيز على المجتمع خلال التحليل.

  • اعتبار العمل الأدبي مجرد مرآة لحقبة زمنية معينة، يمكن استخدامها للكشف عن هذا العصر ومشاكله وأهم قضاياه.

  • يتعامل المنهج التاريخي مع العمل الأدبي على أنه وثيقة تاريخية تمكننا من فهم من سبقنا.

المنهج البنيوي في النقد

المنهج البنيوي منهج مشترك تحاول الدراسات المختلفة استخدامه في العلوم الطبيعية والأنثروبولوجيا واللغوية الأدبية، وهو منهج يزعم أصحابه أنه المنهج الأفضل في التحليل والنقد والكشف عن الحقيقة. وتعني البنيوية لغويًّا نظرية قامت على تحديد مهام العناصر الداخلية في تركيب اللغة، وأن هذه العناصر حُددت بعدة أوزان أو ضمنت في مقارنات مع غيرها من العناصر في المناهج النقدية الأخرى، وقد أدرجت هذه العناصر في منظومات واضحة.

يقوم المنهج البنيوي على عدد من المبادئ، وهي:

  • الكشف عن العلاقات المتشابكة داخل العمل الأدبي.

  • البنيوية لا تبحث عن المحتوى أو الشكل أو عن المحتوى في إطار الشكل، ولكنها تهتم بالبحث عن الحقيقة وراء الظاهر من خلال العمل نفسه.

  • توجيه العناصر نحو كلية العمل أو نظامه.

المنهج النفسي

بعرف المنهج النفسي بأنه المنهج الذي يولي اهتمامًا بدراسة الأعمال الأدبية من خلال تحليل الشخصيات، لمعرفة الأنماط والنماذج النفسية المستخدمة، والربط بين شخصيات العمل الأدبي وشخصية الأديب، فقد يقوم الكاتب بإسقاط شخصيته على شخصية من شخصيات عمله الأدبي.

يعامل المنهج النفسي العمل الأدبي معاملة الوثيقة النفسية، التي تعكس شخصية الكاتب ورغباته المكبوتة، وهو يعتمد على الفرضيات والكشوفات التي يقوم باكتشافها علم النفس، دون الأخذ في الاعتبار إذا كانت هذه النظرية صحيحة أو خاطئة أو يمكن تطبيقها على الكاتب أو لا. وينتقد البعض المنهج النفسي لأنه ليس بالضرورة أن يعكس العمل الأدبي رغبات الأديب المكبوتة.

الخاتمة

ختامًا، يمكن القول إن هناك العديد من المناهج في النقد الأدبي، والتي تهدف إلى دراسة الأدب من كافة زواياه، ومعرفة كافة القضايا المحيطة بالنص الأدبي. سنحاول في المقالات القادمة أن نتحدث بشكل أكبر عن كيفية كتابة نقد أدبي يتناول عملًا أدبيًّا مثل رواية أو أقصوصة أو مجموعة قصصية.