.jpg)
02مايو
المفاعيل الخمسة: أنواعها، أمثلتها، وأهميتها في النحو العربي
التصنيف
تُعد المفاعيل الخمسة من أهم العناصر في النحو العربي، التي تساعد على بيان المعنى وتوضيحه في الجملة. فالمفعول في اللغة العربية هو الاسم المنصوب الذي يقع عليه أو بسببه الفعل. ومن خلال المفاعيل الخمسة، يمكن للمتحدث أن يوضح كيف حدث الفعل، ومتى وأين حدث، ولماذا حدث، ومع من حدث. لذلك، فإن الإلمام بهذه المفاعيل يُساهم في فهم تركيب الجملة العربية، ويساعد في تحسين الكتابة والقراءة لدى متعلمي اللغة.
لتفادي الأخطاء الإملائية والنحوية الشائعة عند التعامل مع المفاعيل الخمسة، ننصح باستخدام مدقق صححلي اللغوي الآلي. يتيح لك صححلي تصحيح النصوص بشكل تلقائي وتدقيقها نحويًّا، بالإضافة إلى تشكيل الكلمات بشكل كامل أو جزئي أو إلزامي أو حتى ضبط أواخر الكلمات؛ مما يعزز وضوح النص، ويمنحه دقة لغوية أكبر. في هذا المقال، نتناول المفاعيل الخمسة بتعريف كلٍ منها، وذكر أنواعها، مدعومة بأمثلة واضحة من القرآن الكريم.
المفعول به
المفعول به هو اسم منصوب يدل على من أو ما وقع عليه فعل الفاعل. بمعنى آخر، هو المفعول الذي يتلقى تأثير الفعل أو الحدث. يستخدم المفعول به لإكمال معنى الأفعال المتعدية (التي لا يكتمل معناها بدون مفعول). يأتي المفعول به عادةً بعد الفاعل في تركيب الجملة الفعلية، وقد يتقدم على الفاعل أو حتى الفعل في بعض الحالات مثل التوكيد أو الحصر.
يكون المفعول به إما اسمًا ظاهرًا، مثل: "أكلَ الطفلُ التفاحةَ" – فكلمة "التفاحةَ" هنا مفعول به وقع عليه فعل الأكل. قد يأتي المفعول به كضمير متصل مثل: "شاهدتُه" (حيث الهاء ضمير في محل نصب مفعول به يعود على المشاهَد)، أو ضميرًا منفصلًا كقولنا: "إيّاكَ نعبد" (حيث "إيّاكَ" ضمير منفصل مبني في محل نصب مفعول به مقدّم للتوكيد).
قد يأتي المفعول به جملةً فعلية أو اسمية مؤوَّلة بمصدر، مثل قوله تعالى: ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ (سورة النور: 22)، حيث جملة "أن يغفرَ اللهُ لكم" في محل نصب مفعول به لفعل "تحبون". ويُمكن التعرُّف عليه بسؤال: "ماذا فعلَ الفاعلُ؟" (لغير العاقل) أو "مَن الذي فعلَ به الفاعلُ؟" (للعاقل).
المفعول المطلق
المفعول المطلق هو مصدر منصوب مشتق من نفس أحرف الفعل يُذكر بعد الفعل للتأكيد أو بيان النوع أو العدد. يأتي المفعول المطلق غالبًا لتعزيز معنى الفعل أو توضيح هيئة حدوثه، دون إضافة فعل جديد. للمفعول المطلق أنواع متعددة، وهي:
-
مفعول مطلق للتوكيد: هو مصدر يؤكد معنى الفعل دون إضافة جديد، مثل: "فاز المتسابق فوزًا" – فكلمة "فوزًا" تؤكّد حصول الفوز (أي بمعنى حقّق المتسابق فوزًا مؤكدًا).
-
مفعول مطلق لبيان النوع: هو مصدر يبين كيفية أو نوعية حدوث الفعل، مثل: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ (سورة المعارج: 5)، فكلمة "صبرًا" هنا مفعول مطلق جاءت موصوفة بـ "جميلًا" لتبيين نوع الصبر (أي صبرًا حسنًا دون شكوى).
-
مفعول مطلق لبيان العدد: وهو مصدر يبيّن عدد مرات حدوث الفعل, مثل: "طرقَ البابَ طرقَتين" – "طرقَتين" مفعول مطلق يوضح عدد الطرقات (مرتين). ومن القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ (سورة المُلك: 4) حيث جاءت "كَرَّتَيْنِ" (مثنى كَرَّة) مفعولًا مطلقًا لبيان عدد مرات النظر (مرتين).
-
مفعول مطلق يدل على الآلة: يذكر بعض النحاة نوعًا آخر حيث يأتي المصدر لبيان الأداة المستخدمة، مثل: "ضُرِبَ اللصُّ سَوْطًا" – "سَوْطًا" هنا اسمٌ يدلّ على الأداة (السوط) التي استُعملت للضرب، وقد عومِل معاملة المفعول المطلق في إعرابه.
يأتي المفعول المطلق دائمًا منصوبًا، ويمكن حذفه دون أن تختل الجملة، لكن وجوده يثري المعنى ويقوي التعبير. وعند ذكره يُعرب عادةً مصدرًا منصوبًا، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، أو ما ينوب عنها (كالياء في المثنى وجمع المذكر السالم).
المفعول فيه (ظرفا الزمان والمكان)
المفعول فيه ويُسمى أيضًا الظرف، هو اسم منصوب يُذكر في الجملة لبيان مكان أو وقت حدوث الفعل. فظرف الزمان يبين متى وقع الفعل، وظرف المكان يبين أين وقع الفعل. على سبيل المثال:
-
ظرف الزمان: "سافرتُ صباحًا" – كلمة "صباحًا" اسم زمان منصوب يبيّن وقت السفر (في الصباح). ومن القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ (سورة الإسراء: 1)، حيث "لَيْلًا" ظرف زمان منصوب يبيّن وقت الإسراء (أي في الليل).
-
ظرف المكان: "جلستُ جانبَ النهرِ" – "جانبَ" ظرف مكان منصوب (وهو مضاف) يوضّح أين جلست، أي بمحاذاة النهر. ويمكن أيضًا أن نقول: "وقفتُ أمامَ البابِ" – فكلمة "أمامَ" ظرف مكان منصوب يبيّن موقع الوقوف (أمام الباب).
المفعول لأجله (المفعول له)
المفعول لأجله (ويُسمّى أيضًا المفعول له) هو اسم منصوب (غالبًا مصدر) يُذكر بعد الفعل لبيان سبب حدوث الفعل أو علّته. يوضّح هذا المفعول الدافع أو الغاية التي من أجلها قام الفاعل بفعلٍ ما. عادةً يجيب المفعول لأجله عن سؤال "لِماذا فعلتَ؟" ويأتي دون حرف جر (فإن استُخدم حرف الجر كـ"لِ" أو "من أجل" صار الاسم بعدها مجرورًا لفظًا، ولا يُعرب مفعولًا لأجله). من أمثلته:
-
"درسْتُ اجتهادًا" – "اجتهادًا" مصدر منصوب يبيّن علّة الدراسة، أي درست بدافع الاجتهاد.
-
"وقفَ الطلابُ احترامًا للأستاذِ" – "احترامًا" مفعول لأجله منصوب يوضّح سبب وقوف الطلاب (احترامهم للأستاذ).
-
من القرآن الكريم: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ﴾ (سورة الإسراء: 31)، جاءت "خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ" (أي خوف الفقر) مفعولًا لأجله يبيّن سبب النهي عن قتل الأولاد، فهو ينهى عن ذلك خشيةَ الوقوع في الفقر.
المفعول معه
المفعول معه هو اسم منصوب يأتي بعد حرف الواو المعروفة بـواو المعيّة، للدلالة على شيء أو شخص وقع الفعل بمعيّته (أي برفقته أو مصاحبًا له). بمعنى أن الفعل حصل من الفاعل بمصاحبة وقوع شيء آخر موازٍ له دون أن يكون ذلك الشيء الآخر فاعلًا مشاركًا حقيقةً في الفعل. تختلف واو المعيّة عن واو العطف في أنها لا تشرك ما بعدها مع ما قبلها في الحكم أو الفعل، بل تدل على المصاحبة فقط. ولتوضيح ذلك نأخذ مثالًا:
-
"سارَ زيدٌ والشارعَ" – "الشارعَ" اسم منصوب وقع بعد واو المعيّة بمعنى مع، يفيد أن زيدًا سار مع الشارع (أي على جانب الطريق أو بمحاذاته). فالشارع ليس فاعلًا للسير بل مصاحب مكاني له.
-
مثال آخر: "سافرتُ والجبلَ" – يُفهم منه "سافرتُ مع الجبل" أي مصاحبًا للجبل (كأن السفر كان بمحاذاة جبل).
المفعول معه دائمًا منصوب، ويُعرَب في محلّه: اسمًا منصوبًا على المعية، علامة نصبه الفتحة (أو ما ينوب عنها). ونتعرّف عليه بأن يسبق بواو يمكن استبدالها بـ"مع" دون تغيّر كبير في المعنى، ويكون ما قبل الواو فعلًا أو ما في معناه.
أمثلة تطبيقية من القرآن الكريم
فيما يلي أمثلة تطبيقية من آيات القرآن الكريم توضح المفاعيل الخمسة في سياق فصيح بليغ، مع بيان المفعول في كل منها:
-
المفعول به: قال تعالى: ﴿خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ (جزء من الآية 19 سورة إبراهيم). في هذه العبارة القرآنية نجد أن لفظ "السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ" وقع عليه فعل الخلق، فهو مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة نيابةً عن الفتحة (لأنه جمع مؤنث سالم).
-
المفعول المطلق: قال تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ (جزء من الآية 164 سورة النساء). جاء "تَكْلِيمًا" مصدرًا منصوبًا من لفظ الفعل كلّم، ليؤكد وقوع فعل التكليم من الله لموسى عليه السلام تأكيدًا قويًّا، وهو مفعول مطلق للتوكيد.
-
المفعول فيه (ظرف): قال تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ﴾ (جزء من الآية 84 سورة الواقعة). يظهر ظرف الزمان في كلمة "حِينَئِذٍ" (حيث إن حين ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وهو مضاف وإذ مضاف إليه مبني في محل جر)، وهذا الظرف يبيّن الزمن الذي تحدثت عنه الآية (حينئذ تعني: في ذلك الحين).
-
المفعول لأجله: قال تعالى: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ (جزء من الآية 18 سورة التوبة). في هذه الآية الكريمة جاء "فَضْلًا" و"رِضْوَانًا" كلاهما منصوبًا لبيان سبب ما قبلهما (أي يبتغون ذلك لأجل نيل فضل الله ورضاه). فكلٌّ منهما يُعرب مفعولًا لأجله يوضح علة الابتغاء (حيث فضلًا مصدر ابتغى بمعنى طلب، ورضوانًا مصدر رضي للدلالة على الرضا).
-
المفعول معه: قال تعالى: ﴿إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ﴾ (جزء من الآية 33 سورة العنكبوت). في هذا التعبير القرآني يمكن فهم "أَهْلَكَ" على أنه مفعول معه منصوب، حيث المعنى (ننجّيك مع أهلك)، أي سننجيك مصاحبًا لأهلك.
خاتمة
تناولنا في هذا المقال المفاعيل الخمسة في النحو العربي: المفعول به، والمفعول المطلق، والمفعول فيه، والمفعول لأجله، والمفعول معه. وقد أوضحنا تعريف كل نوع منها مع ذكر أمثلة توضيحية من القرآن الكريم واللغة اليومية. تُبرز هذه المفاعيل ثراء اللغة العربية، وقدرتها على التفريق بين دقائق المعاني من حيث موقع الحدث وزمانه وسببه وكيفية حدوثه ومصاحبته.