خطوات كتابة مقال أكاديمي للنشر في المجلات المحكّمة بسهولة

التصنيف

تُعد المقالات الأكاديمية أحد أعمدة تطور البحث العلمي، حيث تعد وسيلة رئيسة في تقديم أفكار أكاديمية جديدة، ومناقشة مواضيع أكاديمية معينة، ومشاركة نتائج البحث، وتبادل الخبرات مع الباحثين. يبحث الكثير من الباحثين عن إمكانية نشر مقال أكاديمي في مجلة محكّمة، إذ إن هذه الخطوة تُعد خطوة أساسية بالنسبة لأي باحث أكاديمي.

تنبع أهمية المجلات المحكمة في كونها لاعبًا أساسيًّا في البحث العلمي، إذ لا يُقبل نشر بحث أكاديمي أو مقال دون اطلاع من مساهمين أكاديميين متخصصين آخرين. وبالتالي، إن النشر في المجلات العلمية ليس فقط خطوة لتعزيز السيرة الذاتية للباحث، ولكنها شهادة بجودة البحث وأصالته.

في هذا المقال، سنلقي الضوء على الخطوات الأساسية لكتابة مقال أكاديمي للنشر في مجلة محكّمة. بدءًا من اختيار الموضوع المناسب، وصولًا إلى التعامل مع تعليقات المحكمين، مع تقديم مجموعة من النصائح لمساعدتك على تقديم عمل أكاديمي يتوافق مع المعايير المتعارفة للنشر في مجلات محكمة.

ما هو المقال الأكاديمي؟

المقال الأكاديمي هو نص مكتوب من قبل مختصين في مجال معين بهدف تقديم بعض الأفكار العلمية، مناقشة فرضية بحثية معينة، تحليل موضوع محدد، أو عرض نتائج بحثية. يتسم المقال الأكاديمي بمجموعة من الخصائص:

1- وجود اسم المؤلف مع ذكر مؤهلاته الأكاديمية.

2- استخدام لغة رسمية متخصصة، أي تستخدم نفس المصطلحات المستخدمة في مجال معين.

3- قائمة مراجع موثقة بطريقة أكاديمية معروفة مثل APA و MLA وهارفارد.

4- منشور في دورية علمية أكاديمية مثل مجلة جامعة الملك عبد العزيز للآداب والعلوم الإنسانية، والمجلة العربية لعلم الاجتماع…وغيرها.

على النقيض، المقالات غير الأكاديمية تُكتب عادةً للجمهور العام، وهي تهدف بشكل رئيس لنقل معلومات بطريقة مبسطة وسهلة على القارئ العادي وذلك لنقل المعلومة بسرعة. تختلف طبيعة المقالات غير الأكاديمية من مؤسسة إلى أخرى باختلاف معايير النشر، فقد تُكتب بلغة رسمية أو غير رسمية، وقد تحتوي على اسم المؤلف أو قد لا تحتوي، وقد تحتوي على مراجع أو قد لا تحتوي. 

يجب على الباحث الأكاديمي أن يكتب مقاله مع الالتزام بمعايير المقال الأكاديمي، من توثيق المراجع إلى استخدام لغة علمية وأكاديمية، مما يعزز من مصداقية البحث ويساعد في نشر المعرفة بدقة، مما يجعلها من الأدوات الأساسية في تعزيز جودة البحث العلمي.

معايير اختيار المجلة المحكمة

إن اختيار المجلة المناسبة للنشر الأكاديمي يعتمد على مجموعة رئيسية من المعايير. أولًا، القيمة الاعتبارية للمجلة والتي تعد مؤشرًا رئيسًا لجودة المجلة؛ إذ تزداد مكانة المجلات التي تتمتع بتاريخ طويل من النشر الأكاديمي والسمعة الجيدة بين الباحثين عن المجلات ذات التاريخ المحدود، والتي تنشر الأبحاث بسهولة، مما يجعلها تتمتع بسمعة غير جيدة في المجتمع العلمي.

ثانيًا، معامل التأثير؛ وهو يُعبر عن عدد المرات التي استُشهد فيها بالأبحاث المنشورة خلال فترة زمنية معينة. لذا فإن معامل التأثير يعد عاملًا أساسيًا يجب أن تضعه في اعتبارك عند اختيار المجلة المحكمة التي تود النشر فيها. ولكن كيف يتم حساب معامل التأثير؟ يتم حساب معامل التأثير عبر تقسيم عدد الاستشهادات بالأبحاث المنشورة خلال السنتين الماضيتين على العدد الكلي للأبحاث التي تم نشرها في تلك الفترة.

ثالثًا، تشمل أهم معايير اختيار المجلات المحكمة الاعتماد الأكاديمي. نقصد بالاعتماد الأكاديمي هنا هو وجود هيئة تحرير موثوقة، تُوفر سياسة تحريرية واضحة، والتزامها بالنشر المنتظم. كما يجب أن تكون المجلة مفهرسة في قواعد بيانات علمية معروفة، مما يعزز من مصداقية البحث وانتشاره.

خطوات كتابة مقال أكاديمي مُتقن

تتطلب كتابة مقال أكاديمي مُتقن الالتزام ببنية واضحة تُبرز نتائج البحث بشكلٍ واضح ومنهجي. يفضل اتباع المعايير المعروفة لكتابة مقالات أكاديمية للمجلات المحكمة، والتي تشمل: المقدمة، مراجعة الأدبيات، المنهجية، النتائج، المناقشة، والخاتمة. والهدف من ذلك هو ضمان انتقال القارئ الأكاديمي بسلاسة عبر رحلة البحث العلمي.

1- الملخص: يجب أن يكون قصيرًا، يلخص ويوجز العناصر الأساسية لدراستك البحثية، وفي العادة يكتبه كثير من الباحثين بعد الانتهاء من كتابة المقال بالكامل.

2- المقدمة: تُبرز أهمية البحث، وتحدد السؤال البحثي، وتوضح السياق الأكاديمي الذي تتم فيه مناقشة المشكلة البحثية.

3- مراجعة الأدبيات: استعرض المساهمات البحثية السابقة، مع التركيز على الأفكار التي قدمها الباحثون قبلك وربطها ببعضها البعض، بدلًا من تقديم عرض لمجموعة من الاقتباسات للأبحاث السابقة.

4- الإطار النظري: لكي تتمكن من تكملة مقالك الأكاديمي بسلاسة، يجب أن تضع الإطار المفاهيمي النظري للمقال، والذي ستبني على أساسه بقية المقال.

5- المنهجية البحثية: هي الجزء الفني من المقال، والمقصود هنا ما هي المناهج البحثية التي ستستخدمها في مقالك، وما هي أساليب جمع المعلومات، وكيف ستحلل البيانات.

6- متن المقال: بعد أن استرسلت في المقدمة ومراجعة الأدبيات والإطار النظري والمنهجية البحثية، يمكنك أن تبدأ كتابة متن المقال، والذي يجب أن تعمل فيها على سرد العناوين الرئيسة للمقال، بما يتضمن النتائج وتحليلها وربطها بالمناقشات الموجودة في الأدبيات السابقة.

7- الخاتمة: بعد أن انتهيت من كتابة متن المقال، يمكنك أن تلخص النقاط الرئيسة التي ناقشها مقالك في الخاتمة، مع تقديم مقترحات لمسارات مستقبلية للبحث.

8- قائمة المصادر: بعد أن انتهيت من مقالك، يمكنك كتابة المراجع العلمية التي استخدمتها في دراستك بطرق أكاديمية معروفة مثل APA وMLA وشيكاغو وهارفارد.

9- مراجعة المقال: بعد الانتهاء من كتابتك للمقال الأكاديمي، يمكنك الآن مراجعة مقالك من الناحية العلمية واللغوية. فبخصوص المراجعة العلمية يجب أن تتأكد من أنك أجبت عن السؤال البحثي في نهاية المقال، وبأنك ناقشت المشكلة البحثية بشكل موضوعي وعلمي واستشهدت بمصادر علمية موثوقة. أما المراجعة اللغوية، فيمكنك المراجعة بنفسك مع الاعتماد على أدوات التدقيق الآلي مثل مدقق صححلي، والذي سيساعدك في القيام بتصحيح الأخطاء الإملائية والنحوية وتشكيل النصوص.

باتباع هذه الخطوات، يمكنك إعداد مقال أكاديمي يُبرز قيمتك البحثية في الأوساط الأكاديمية، ويوفر إضافة حقيقية للمجال العلمي والمجتمع الأكاديمي.

متطلبات النشر في مجلة محكّمة

إذا كنت ترغب في نشر مقال أكاديمي في مجلة محكمة، يجب عليك الالتزام بالمتطلبات الآتية قدر المستطاع، مع الالتزام بالمعايير التي وضعتها المجلة نفسها:

  • اختيار مجلة متخصصة: تأكد من أن موضوع مقالك يقع ضمن اهتمامات المجلة التي تستهدفها للنشر.

  • أهمية البحث: يجب أن يكون المقال الأكاديمي ذا قيمة معرفية، ويقع ضمن تخصص الباحث نفسه ومؤهلاته الأكاديمية.

  • الأصالة: يجب أن تتأكد أن البحث جديد، ونسبة الاقتباس مقبولة، ولم يُنشر سابقًا.

  • وضوح الأهداف: يجب أن تكون الأهداف التي وضعتها في بداية مقالك واضحة، وقد حققتها من خلال بحثك

  • الالتزام بعدد الصفحات أو الكلمات: يجب عليك احترام المعايير التي وضعتها المجلة المحكمة بخصوص العدد المقبول للكلمات أو الصفحات.

  • إطار نظري منضبط: يجب عليك أن تتأكد أن محتوى المقال الأكاديمي متسقٌ، وخالٍ من التكرار والحشو.

  • الأدوات الإحصائية المناسبة: استخدم أدوات وأساليب الإحصاء التي تتناسب مع طبيعة المقال الأكاديمي.

  • توثيق المصادر: تأكد من استخدام مصادر علمية موثوقة، وتوثيقها بطريقة معتمدة من الطرق التي ذكرناها سابقًا.

  • التنسيق: يجب عليك الالتزام بمعايير التنسيق التي حددتها المجلة للنشر من حيث الهوامش وحجم الخطوط.

الالتزام بهذه المتطلبات يرفع من فرص قبول البحث للنشر في المجلات المحكمة.

أخطاء يجب تجنبها عند إعداد المقالات البحثية

  • التشتت وغياب التركيز: إن التشتت أثناء الكتابة تضعف من جودة المقال، لذا حاول أن تحدد موضوعًا معينًا وتتحدث عنه بوضوح وبدقة مع الاعتماد على مصادر علمية موثوقة.

  • عدم وضوح المشكلة البحثية والأهداف: غياب الأهداف البحثية أو السؤال البحثي يضعف المقال ويفقده قيمته الأكاديمية.

  • إهمال مراجعة الأدبيات السابقة: تجاهلك للدراسات السابقة واعتبارها مجرد سرد روتيني يقلل من جودة المقال الأكاديمي، ويضعف من أهميته، كما يؤثر على قدرتك على كتابة مقال أكاديمي ذي جودة علمية.

  • انخفاض مستوى الأمانة العلمية: الانتحال العلمي يؤثر سلبًا على مصداقية الباحث ويعرضه للمساءلة.

  • إهمال الجوانب الهيكلية: غياب التسلسل المنطقي للمقال الأكاديمي يجعل المقال غير متماسك.

  • ضعف التحرير العلمي: المقال الأكاديمي ليس مجرد نقل أفكار سابقة منشورة في أبحاث سابقة مع تغيير طريقة كتابتها ليتم نشرها في مقالك، يجب على الباحث أن يظهر شخصيته مما يعزز من جودة المقال.

  • عدم مراعاة الجوانب اللغوية: الأخطاء اللغوية تقلل من جودة المقال الأكاديمي. يجب عليك تدقيق المقال من الناحية الإملائية والنحوية، مع تشكيل الكلمات التي تحتاج إلى تشكيل بالاعتماد على أدوات التدقيق اللغوي مثل صححلي.

الخاتمة

تعد كتابة المقالات الأكاديمية للنشر في مجلة محكمة خطوة أساسية لأي باحث يعمل في مجاله، وهي خطوة أساسية لتطوير البحث العلمي وإثراء المعرفة. يجب على الباحث الراغب في نشر مقال أكاديمي للنشر في مجلة محكّمة أن يلتزم بمعايير محددة لضمان تقديم مقال أكاديمي احترافي، ومنها اختيار الموضوع وتطبيق المنهجيات البحثية، والالتزام بالتنسيق المطلوب والتوثيق الصحيح للمصادر العلمية. يساعد الالتزام بالمعايير التي ذكرناها في المقال في تعزيز فرص النشر وتقديم إضافة حقيقية للمجتمع الأكاديمي.